من أعجب ما يقوله النَّصَارَى: إن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبعوث إِلَى العرب خاصة، مع أن في الأناجيل التي بين أيديهم الآن ويقرؤونها ويعتبرونها الكتاب المقدس أن عيسى عَلَيْهِ السَّلام جاءته امرأة وقالت: يا فلان! أريد أن تعلمني الدين الذي تدعو إليه فقَالَ: من أين أنتِ أيتها المرأة؟ قالت: فينيقية، -ليست من بني إسرائيل- فَقَالَ المسيح -كما يقولون: إنما بُعثتُ إِلَى خراف بني إسرائيل الضالة.
وهذا ما نص عليه القُرْآن ((وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيل)) [آل عمران:49]، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد حدد رسالة عيسى عَلَيْهِ السَّلام بأنها إِلَى بني إسرائيل.
كما جَاءَ في هذا الحديث: {وكان النبي يبعث إِلَى قومه خاصة}، فعيسى عَلَيْهِ السَّلام هو الذي بعث فعلاً إِلَى بني إسرائيل فقط، ولم يبعث إِلَى الروم، ولا إِلَى الفرس، ولا إِلَى العرب، إنما بعث إِلَى بنى إسرائيل، إذاً إذا أتانا نصارى من العرب، أومن الروم، أومن الفرس أومن نحوهم ويقولون: إن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إِلَى العرب خاصة ونحن ندين بدين عيسى فإن هذا هو العجب، وهذه هي المغالطة، وهذا هو قلب الحقائق، بل يقال لهم: أنتم الذين تدينون بدين لم يبعث إليكم رسوله، وإنما بعثه الله إِلَى بني إسرائيل.
أما الذي بعث إليكم وإلى العالمين جميعاً فهذا هو مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذي أخذ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى العهد عَلَى الأَنْبِيَاء وليس عليكم فقط أن يؤمنوا به قال تعالى: ((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)) [آل عمران:81]، فأخذ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الميثاق عَلَى الأَنْبِيَاء أن يؤمنوا بمُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن ينصروه، فكيف تدعون أنتم أنكم من أتباع موسى أو عيسى وتكذبون بنبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتكفرون بها؟! أو تقولون كما قالت هذه الطائفة أو هذه الشرذمة: إن نبوته خاصة بالعرب؟! هذا كلام من المحال ومن الباطل والكذب.